لم تقترب السينما المصرية منذ نشأتها في مطلع القرن العشرين من الواقع الحقيقي للمرأة الشرقية بوجه عام والمصرية بوجه خاص، وإكتفت بأن تطل عليه إطلالة السائح الذي لا يعبأ بالمضمون والتفاصيل، وإنما يعرض ما يحب ويهتم بالظاهر وينبهر به رغم كونه مزيفا في الغالب الأعم!..
فبدلًا من أن تساهم السينما بصفتها إحدى وسائل القوى الناعمة في نقل الواقع ومحاكاته لإصلاح ما به من سلبيات وعيوب عن طريق عرض الأسباب والحلول، تسببت -وللأسف الشديد- في جعل الواقع أكثر سوءًا وقتامة وإنحدارًا في كل شيء!..
وكان تشويه وتلويث صورة المرأة المصرية وجعلها سلعة رخيصة فاسدة تجلب الشر والعار والخراب من أهم أهداف صناعة السينما في مصر لمآرب خسيسة ترمي إلى ضرب الأخلاق والقيم والثوابت في مقتل، وإعلان الحرب على مبادئ وتعاليم الإسلام السامية التي تحفظ للمرأة حقوقها وتدعو إلى إحترامها وتقديرها وصونها لما لها من دور كبير في تعمير الأرض وتربية النشء وصناعة الرجال الذين بهم تعلو راية الإسلام وتنهض الأمة العربية والإسلامية..
فصناع السينما المصريون وكل من يقف وراءهم همهم الأكبر هو تحقيق الربح والشهرة وغيرها من المكاسب الدنيوية حتى وإن كان ذلك على حساب ضياع المجتمع وإنهياره!.. حيث يتبارون في مداعبة وإثارة غرائز الجمهور بكل ما أوتوا من وسائل وأفكار شيطانية مدمرة عن طريق تقديم أعمال منحطة يدسون من خلالها السم في العسل ويركزون فيها على جسد المرأة ومفاتنها المغرية إضافة إلى تسليط الضوء على بعض النماذج النسائية الشاذة وتفخيمها ووضعها في قالب مثير يعطي إيحاءً للمتلقي بأنها شائعة وعامة!..
فالمرأة عندهم إن لم تكن داعرة لعوبة خائنة نتيجة قسوة ظروفها الإجتماعية والإقتصادية، فهي تاجرة مخدرات أو جاسوسة أو تجيد النصب والسرقة والإحتيال!..
هكذا أرادوا أن يصوروا المرأة المصرية على مدار قرن من الزمان تقريبا لإقناع العالم كله بأن المرأة المسلمة ليست عفيفة ولا شريفة وأنها أساس وبال وخراب الأمة العربية!..
فلم يقدموا لنا عملًا محترمًا يركز على حقوق ومطالب المرأة ودورها الحقيقي في المجتمع ويتعامل مع كيانها الإنساني بعيدًا عن مغازلة جسدها ومخاطبة أنوثتها وكأنها في رأيهم لم تُخلَق إلا للمتعة الجنسية فقط!..
إذن، فمن الظلم والإجحاف أن يتم الحكم على المرأة المصرية من خلال ما تعرضه السينما..
المرأة المصرية وإن خرجت إلى العمل راغبة أو مضطرة هي الزوجة والأم المناضلة المكافحة من أجل رعاية وتعليم أبنائها لينفعوا أنفسهم ومجتمعهم مستقبلا!.. وليست المرأة المستهترة الساقطة معدومة الدين والخلق التي تفرضها علينا السينما عنوة لقلب الموازين وإفساد الذوق والأخلاق وطمس الدين في المجتمع المصري..
لا سامح الله أولي الأمر في مصر على مدار العقود السابقة، لأنهم من سمحوا بهذا الإنحطاط والفساد وقضوا على تربة مصر الخصبة العامرة التي كان من الممكن أن تطرح للأمة كلها خيرا كثيرا ينهض ويرتقي بها، إلا أنهم جرفوا هذه التربة تماما وخربوها وإستبدلوا الذي أدنى بالذي هو خير، ووضعوا فيها بذورًا قاتلة وسمادًا فاسدا لنُبتلَى بثمار مسرطنة نُجبَر على تناولها لتصيبنا أمراضًا في غاية الخطورة لا براء ولا شفاء منها، فنموت وتموت أمتنا الإسلامية، ويبقى الكفر والباطل والشر هو المسيطر على كوكب الأرض كله!..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الكاتب: هناء المداح.
المصدر: موقع رسالة المرأة.